سورة يس - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)}
كانت الزناذقة منهم يسمعون المؤمنين يعلقون أفعال الله تعالى بمشيئته فيقولون: لو شاء الله لأغنى فلاناً، ولو شاء لأعزّه، ولو شاء لكان كذا؛ فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين وبما كانوا يقولونه من تعليق الأمور بمشيئة الله. ومعناه: أنطعم المقول فيه هذا القول بينكم، وذلك أنهم كانوا دافعين أن يكون الغنى والفقر من الله؛ لأنهم معطلة لا يؤمنون بالصانع، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: كان بمكة زنادقة، فإذا أمروا بالصدقة على المساكين قالوا: لا والله، أيفقره الله ونطعمه نحن؟ وقيل: كانوا يوهمون أن الله تعالى لما كان قادراً على إطعامه ولا يشاء إطعامه فنحن أحق بذلك. نزلت في مشركي قريش حين قال فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطونا مما زعمتم من أموالكم أنها لله، يعنون قوله:
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً} [الأنعام: 136]، فحرموهم وقالوا: لو شاء الله لأطعمكم.
{إنْ أَنتُمْ إلاَّ فِي ضلال مُّبِينٍ} قول الله لهم. أو هو من جملة جوابهم للمؤمنين.


{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)}
قرئ: {يخصمون} بإدغام التاء في الصاد مع فتح الخاء وكسرها، وإتباع الياء الخاء في الكسر، ويختصمون على الأصل. ويخصمون، من خصمه. والمعنى: أنها تبغتهم وهم في أمنهم وغفلتهم عنها، لا يخطرونها ببالهم مشتغلين بخصوماتهم في متاجرهم ومعاملاتهم وسائر ما يتخاصمون فيه ويتشاجرون. ومعنى يخصمون: يخصم بعضهم بعضاً. وقيل: تأخذهم وهم عند أنفسهم يخصمون في الحجة في أنهم لا يبعثون {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} أن يوصوا في شيء من أمورهم {تَوْصِيَةً} ولا يقدرون على الرجوع إلى منازلهم وأهاليهم، بل يموتون حيث تفجؤهم الصيحة.


{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)}
قرئ: {الصور} بسكون الواو وهو القرن، أو جمع صورة، وحرّكها بعضهم، و {الأجداث} القبور. وقرئ: بالفاء {يَنسِلُونَ} يعدون بكسر السين وضمها، وهي النفخة الثانية. وقرئ: {يا ويلتنا} عن ابن مسعود رضي الله عنه: {من أهبنا} من هب من نومه إذا انتبه، وأهبه غيره وقرئ: {من هبنا} بمعنى أهبنا: وعن بعضهم: أراد هب بنا، فحذف الجار وأوصل الفعل: وقرئ: {من بعثنا} ومن هبنا، على من الجارة والمصدر، و{هَذَا} مبتدأ، و{مَا وَعَدَ} خبره، وما مصدرية أو موصولة. ويجوز أن يكون هذا صفة للمرقد، وما وعد: خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا وعد الرحمن، أي: مبتدأ محذوف الخبر، أي ما وعد {الرحمن وَصَدَقَ المرسلون} حق.
وعن مجاهد: للكفار هجعة يجدون فيها طعم النوم، فإذا صيح بأهل القبور قالوا: من بعثنا، وأما {هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن} فكلام الملائكة. عن ابن عباس.
وعن الحسن: كلام المتقين. وقيل: كلام الكافرين يتذكرون ما سمعوه من الرسل فيجيبون به أنفسهم أو بعضهم بعضاً.
فإن قلت: إذا جعلت (ما) مصدرية: كان المعنى: هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين، على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق، فما وجه قوله: {وَصَدَقَ المرسلون} إذا جعلتها موصولة؟ قلت: تقديره: هذا الذي وعده الرحمن والذي صدّقه المرسلون، بمعنى: والذي صدق فيه المرسلون، من قولهم: صدقوهم الحديث في القتال. ومنه صدقني سن بكره.
فإن قلت: {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا}؟ سؤال عن الباعث، فكيف طابقه ذلك جواباً؟ قلت: معناه بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأنبأكم به الرسل؛ إلا أنه جيء به على طريقة: سيئت بها قلوبهم، ونعيت إليهم أحوالهم، وذكروا كفرهم وتكذيبهم، وأخبروا بوقوع ما أنذروا به وكأنه قيل لهم: ليس بالبعث الذي عرفتموه وهو بعث النائم من مرقده، حتى يهمكم السؤال عن الباعث، إن هذا هو البعث الأكبر ذو الأهوال والأفزاع، وهو الذي وعده الله في كتبه المنزّلة على ألسنة رسله الصادقين.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9